من
مظاهر الصراع التي أفرزتها غفلة الإنسان وكبرياؤه: الصراع مع الكون.. مع السماء
والأرض.. والنبات والحيوان.. والرياح والأمطار.. وكل الأشياء.
وهذا
الصراع يكتسي لبوسا مختلفة، ويتوزع على مظاهر متنوعة، ولكن الأساس في جميعها واحد،
وهو أننا نتعامل مع أكوان ننسبها إلى الطبيعة، أو ننسبها إلى الآلهة الجاثمة على
عروش قلوبنا وعقولنا، أو ننسبها إلى اللاشيء الذي تفرزه الغفلة، وننسى في هذا
الخضم أن ننسبها إلى الله.
فالأكوان
أكوان الله، والأشياء جميعا خلقت بيد الله، وصورت باسم الله، وهي تتوجه إلى الله
قبل أن تتوجه إلينا.
وهذه
النظرة هي مبدأ السلام مع الكون، ومنطلقه.
فكما
أن بداية السلام مع المستعمرات، هو اعتراف المستعمر لها بحريتها، وبحقها في تقرير
مصيرها، ليتعامل معها بعد ذلك تعامل المسالم لا المحارب، وتعامل الند لا المتعالي،
وتعامل الصديق لا العدو، فكذلك يكون السلام مع الكون.
فأي
سلام نحلم به مع الكون، ونحن لا نعترف به؟.. أو أن اعترافنا به مجرد معنى محصور في
زاوية خاملة من زوايا العقل، لا نتأثر لها، ولا نهتم بها.
وهذا
المنطلق الذي يحدد تعاملنا مع الكون هو الذي يشعرنا بالسعادة والأمان، وينزع عنا
حجب الوحشة والضيق، ويزرع في قلوبنا الابتسامة، وينزع من