الكون
ـ في النصوص المقدسة، وكما يفهمه المؤمن ـ كون مسخر في خدمة الإنسان، يستجيب لجميع
مطالبه، ليحقق له الأمن بجميع أشكاله، ويوفر له القوت بجميع أنواعه، بل يضم إلى
ذلك رعاية جوانبه النفسية، فيملأها بالحيوية والجمال.
وهذه
الرؤية هي الرؤية الوحيدة التي يتفق فيها المؤمن مع غيره، وهي رؤية مشتركة من حيث
الظاهر، فالكل يتمتع بخيرات الكون، ويستغلها، ويستسخرها في مصالحه، معتبرا مصالحه
أعلى من مصالحها.
لكن
النصوص المقدسة تميز نظرة المؤمن عن نظرات غيره تمييزا كليا، فتكسبها طابعا روحيا
مؤدبا غير موغل في البهيمية[1] ولا مفرط في الأنانية.
وسنذكر
هنا بعض خصائص الكون المسخر، كما وردت في النصوص، وهي من السمو والرفعة ما تجعل
المؤمن يتعامل مع الكون بإحساس مرهف، عميق المشاعر.
وهذا
الحس النبيل هو الوحيد الذي نعيش فيه السلام مع الكون، ويعيش فيه الكون السلام
معنا.
وسنكتفي
بأربع خصائص كبرى تكاد كل الخصائص الأخرى تؤول إليها:
أما
أولها، فالربانية، وهي خاصبة أساسية، فهذا الكون الذي سخر لنا لم
[1] يحسب
التعبير الغالب، لا بحسب الحقيقة كما قدمنا.