بن مفلح: (وليحترز الحسن من
العين والحسد بتوحيش حسنه)[1]
وقد اعتبر بعضهم هذا مما
شرعه الله من أسباب الوقاية مستدلا عليه بقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
ءامَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ (النساء – الآية 71) قائلا: (وهو يعم الحذر
من كل ما فيه ضرر على النفس أو المال)[2]
قال: إن هذا الكلام يحمل
أنفاسا من شؤم التطير، وخطره عظيم، لأن الأدلة الشرعية تأمر بإظهار نعمة الله لا
سترها، وقد قال a: (من كان له شعر فليكرمه)[3]، وقد قال a: (إن الله تعالى جميل يحب الجمال
ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده ويبغض البؤس والتباؤس)[4]
قلت: ولكن النبي a قال: (استعينوا على إنجاح الحوائج
بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود)[5]
قال: إن هذا الحديث لا يدل
على هذا المعنى، بل هو من جنس قوله تعالى على لسان يعقوب u:﴿ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ
رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ
لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ (يوسف:5)
فالخوف الذي خافه يعقوب u هنا ليس خوفا من العين،
وإنما الخوف من كيد إخوته له، ولذلك أمر النبي a بالكتمان عن الحسدة حتى لا يسعوا
في خلاف مقصود المحسود.
[5] العقيلي، وابن عدي،
والطبراني في الكبير، وأبو نعيم في الحلية، والخرائطي في إعتلال القلوب وابن
عساكر، قال المناوي في فيض القدير (1/493): الحديث ضعيف ومنقطع، ولما ساق الحافظ
العراقي الخبر المشروح جزم بضعفه واقتصر عليه.