قال: والجمادات .. وكل ما خلق الله ..
قلت: لا أعرف من الصداقة إلا الصحبة التي تحتاج إلى المشاكلة، فأي مشاكلة بين الإنسان وبين ما ذكرت.
قال: أليس الكل مخلوقا لله، ويسبح الله، ويحن لمعرفته؟
قلت: بلى ..
قال: ألا يكفي كل هذا ليملأ حياتهم بالقواسم التي تربط بينهم، وتجعلهم جميعا على قلب واحد؟
قال: فانظر إلى الكون نظر العبد العابد يحول الله كل ذرة من ذراته صديقا ودودا يملأ حياتك بالأنس.
قلت: والأحزاب السياسية التي يتم بموجبها اختيار الحاكم؟
قال: لقد عرف سكان مدائن السلام قيمة الوحدة فيما بينهم، فلم يتفرقوا إلى أحزاب.
قلت: ولكن اختيار الحاكم يقتضي وجودها.
قال: الحاكم يعينه صدقه وسلامه وامتلاء قلبه بالرحمة.
قلت: ألا يتنافس الناس هنا على الحكم؟
قال: إن الشدائد الشديدة التي يعانيها الحاكم في مدائن السلام، وحياة الزهد التي يعيشها، جعلت أهل السلام يحمدون الله على أن جعلهم رعية لا رعاة.