قال: هذه الآية الكريمة تشير إل هذا
المعنى، فبالرغم من الأذى الذي حصل لموسى والخضر ـ عليهما السلام ـ من أهل القرية،
إلا أن ذلك لم يمنع الخضر u من أن يقيم
جدارا كان يهم بالسقوط من غير أن ينتظر على ذلك أجرا، بل إنه لم يرض عندما سأله
موسى u أن يبتغي الأجر بذلك العمل.
قلت: ولكن ذلك سيشجع الدولة على حبس
خزانتها على أهوائها وترك الشعب للاحتساب.
قال: هذه أوهام تتوهمونها لا مخاوف
حقيقية، فمن المستفيد من الضياع الذي تعيشه مجتمعاتكم؟ أنتم تتهمون الفقر، ولكن
الفقر لا يمنعكم من أن تنظفوا بيوتكم وأفنيتكم وثيابكم وتكونوا كالشامة بين الناس.
إن مثلكم كمثل من أصيب بعض ثوبه
بوحل الطريق، وكان في إمكانه تنظيفه، فغضب على نفسه وخاض في الوحل بيديه ورجليه
وصدره ورأسه، فما يغنيه ذلك؟ .. وكذلك مثلكم أنتم .. كان الفقر لباسا خفيفا لامس
بعض جوارحكم، فأبيتم إلا أن تجعلوه لباسا لكيانكم كله.
قلت: فالاحتساب إذن علاج للفقر؟
قال: لا .. بل هو علاج لنهضة الأمة
جميعا .. فلا يمكن أن يؤدى أي عمل بإتقان تام إذا لم يطلب فيه وجه الله، أو ما وظف
الله من الأجور.