قال: اكتفوا بجهودكم وطاقتكم، ألم
تسمع قوله a:(إن هذا الدين متين فأوغل
فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى)
قلت: ولكن هذا في الدين.
قال: ألم أقل لك: إن أحكام الدين لا
تختلف عن أحكام الدنيا، فرب الدنيا هو رب الدين .. قل لي: لو أن سيارتك لا تتحمل
إلا ثقلا معينا، ثم حملت عليها أو حملتها ثقلا يفوق طاقتها.
قلت: ستهلك إن عاجلا أو آجلا.
قال: وحينذاك لن تستفيد منها شيئا.
قلت: لقد ذكرتني بقوله a:(اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن
الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب العمل إلى الله أدومه، وإن قل)
قال: فقد ربط a بين عدم مجاوزة الطاقة في العمل،
وبين الملل، فالملل سبيل كل من جاوز نفسه حدها من الطاقة.
قلت: لقد ذكرتني بكثير من الجهود
التي تفرزها الحماسة، ثم يميتها الاستعجال.
قال: ويميتها قبل ذلك عدم فهم أسرار
نفس الإنسان، فخالق النفس هو الذي قال لنا:﴿ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا
وُسْعَهَا ﴾
(البقرة:
233)، وقال:﴿ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا
كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾ (البقرة: 286)
قلت: وكأنه يضع لنا بذلك ما يضعه
صانعو الأجهزة الحديثة من مقاييس لمدى