ولم يكتف بذلك الإجمال، وإنما راح
يفصل في التعريف بهم، فقال: (إني تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي،
الثقلين وأحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي
أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) ([1040])
وفي رواية: (أيها الناس، إنما أنا
بشر يوشك أن يأتيني رسول من ربي فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله
فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل
بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي)([1041])
الضلال وعلاجه:
إذا عرفت هذا ـ أيها
المريد الصادق ـ فاعلم أن الضلال
الذي وقعت فيه هذه الأمة، مثلما وقع فيه غيرها من الأمم، إعراضها عن وصايا
أنبيائها، وإدخالها الأهواء في تلك الوصايا..
ولذلك تحول الدين من دين الله إلى
دين البشر، ومن القيم السامية إلى القيم المنحرفة.. ومن الحقائق الممتلئة
بالعقلانية إلى الخرافة والأسطورة.
ولهذا فإن الضلال الذي حذر الله
تعالى منه، وأخبر عن وقوعه في الأمم المختلفة أربعة أنواع.. أولها ضلال مرتبط
بالحقائق العقدية.. وهو أخطر أنواع الضلال، ذلك أن العقائد تشكل الأساس الذي تبنى
عليه حياة الإنسان، وبقدر التوهمات، والانحرافات في هذا الجانب، بقدر ما يكون
الانحراف في القيم السلوكية.. بالإضافة إلى ذلك، فإن من
[1039]
رواه أبو داود (5/ 5/ 13/ رقم 4607)، والترمذي (16/ 2676) وابن ماجه (6/ 42 و 43 و
44)