نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 492
للإيمان ومتناقضان معه في كل
الجوانب؛ ذلك أنه لا ييأس إلا من لا يعرف الله ورحمته ولطفه وكرمه، فيتوهم الكون بصورة
عبثية، ويتصور خالقه ـ إن كان يؤمن به ـ بصورة مشوهة مملوءة بالكدورة.
وهكذا ينظر إلى الحياة بتلك
النظرة المادية التي تختصرها في هذه الدنيا المحدودة الضيقة الممتلئة بأصناف
المنغصات وألوان البلاء.. والتي يتعجب من سر وجودها، وسر وجوده فيها، كما قال الله
تعالى مخبرا عنهم: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا
قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ
الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ ﴾ [الممتحنة: 13]
ولهذا وصف الله تعالى الإنسان الخالي من
الإيمان بمسارعته إلى اليأس والقنوط، لأي نازلة تنزل به، قال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ
نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾ [هود: 9]
وذكر تأثير النعمة السلبي عليه، فقال: ﴿
وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ
السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾ [هود: 10]
ثم ذكر المستثنين من هذا المثلب الخطير،
فقال: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ
لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ [هود: 11]، وهم المؤمنون بالله واليوم
والآخر، ذلك أن معرفتهم بمغفرة الله والأجور المعدة لهم، والفضل الذي ينتظرهم
يجعلهم دائما في راحة تامة، من غير أن يفرقوا بين حال النعمة، وحال البلاء، كما
ورد في الحديث عن رسول الله a أنه قال: (عجبا لأمر المؤمن إنّ أمره كلّه خير،
وليس ذلك لأحد إلّا للمؤمن؟ إن أصابته سرّاء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضرّاء
صبر فكان خيرا له) ([851])
وقد
عقب الله تعالى تلك الآيات الكريمة بخطابه لرسول الله a في تلك الفترة