responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 257

وقد كتب بعض الحكماء إلى مريد له شكا حالة عرضت له جعلته يقع فيها في حسد بعض الناس، فقال له ناصحا: (إياك أن تترك للحسد التحكم فيك وفي تصرفاتك.. فاقمعها؛ فإنك إن فعلت ذلك طهرك الله من باطنه، كما طهرت سلوكك من ظاهره)

فكتب له المريد يستفسره عن كيفية ذلك، فكتب له يقول: (من خاف على نفسه الحسد، ومقتضياته فعليه أن يكلّف نفسه نقيضه، فإن بعثه الحسد على القدح فيه كلّف لسانه المدح له والثناء عليه، وإن حمله على التكبّر عليه ألزم نفسه التواضع له والاعتذار إليه، وإن بعثه على كفّ الإنعام عنه ألزم نفسه الزّيادة في الإنعام، فمهما فعل ذلك عن تكلّف وعرفه المحسود طاب قلبه وأحبّه ومهما ظهر حبّه عاد الحاسد وأحبّه وتولّد بينهما الموافقة الّتي يقطع مادّة الحسد، لأنّ التواضع والثناء والمدح وإظهار السرور بالنعمة يستميل قلب المنعم عليه ويسترقّه ويستعطفه ويحمله على مقابلة ذلك بالإحسان ثمّ ذلك الإحسان يعود إلى الأوّل فيطيب قلبه فيصير ما تكلّفه أوّلا طبعا آخرا) ([337])

وكتب له في آخر رسالته يقول له: (ولا يصدّنّه عن ذلك قول الشيطان له: لو تواضعت وأثنيت عليه حمله العدوّ على العجز أو على النفاق والخوف، وإنّ ذلك مذلّة ومهانة، فإنّ ذلك من خدع الشيطان ومكايده، بل المجاملة تكلّفا كان أو طبعا تكسّر سورة العداوة من الجانبين وتقلّ من عزّتها، ويعود القلب إلى التآلف والتحابّ، وبه يستريح القلب من ألم الحسد وغمّ التباغض) ([338])

ثم ختم رسالته له بقوله: (فهذه هي أدوية الحسد وهي نافعة جدّا إلّا أنّها مرّة جدّا، لكن النفع في الدّواء المرّ، فمن لم يصبر على مرارة الدّواء لم ينل حلاوة الشفاء، وإنّما يهون


[337] إحياء علوم الدين (3/ 199)

[338] المرجع السابق، (3/ 199)

نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 257
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست