نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 256
الكتاب، وخرج، فلقيه الرّجل الّذي
سعى به، وهو لا يعلم ما حصل من الملك، فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال الرجل: خطّ الملك
أمر لي بصلة، فقال: هبه لي، فقال: هو لك، فأخذه ومضى إلى العامل، فقال العامل: في
كتابك أن أذبحك وأسلخك، قال: إنّ الكتاب ليس لي، فالله الله في أمري حتّى تراجع
إلى الملك، قال: ليس لكتاب الملك مراجعة، ففعل به ما طلبه الملك، ثمّ عاد الرّجل
إلى الملك كعادته، وقال مثل قوله فتعجّب الملك وقال: ما فعل الكتاب؟ فقال: لقيني
فلان فاستوهبه منّي فوهبته له، فقال الملك: إنّه ذكر لي أنّك تزعم أنّي أبخر؟ قال:
ما قلت ذلك، قال: فلم وضعت يدك على أنفك؟ قال: كان أطعمني طعاما فيه ثوم فكرهت أن
تشمّه، قال: صدقت ارجع إلى مكانك فقد كفاك المسيء مساويه.
هذه ليست مجرد حكاية ـ أيها
المريد الصادق ـ للتسلية، وإنما هي الحقيقة التي قد لا تظهر لك بنفس الصورة،
ولكنها حتما ستظهر؛ فيستحيل على من امتلأ قلبه بنيران الحسد ألا تشتعل فيه؟.. وهل
يمكن لمن دخل في وسط النيران ألا يحترق؟
واعلم ـ أيها المريد الصادق ـ أن
أول ما تحرقه نيران الحاسد هي تلك الحسنات التي بذل كل جهده في الحصول عليها،
والتي هي زاده الذي يرحل به إلى الآخرة، وقد ورد في الحديث قوله a: (الحسد يأكل الحسنات كما تأكل
النار الحطب)([336])
إذا علمت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاجتهد
لأن تقمع داء الحسد من قلبك قبل استفحاله، وخروجه إلى الخارج ليملأ حياتك وحياة من
حسدتهم بالنكد والغصص، فما قتل قاتل، ولا أجرم مجرم إلا بسبب هذه الأدواء الخبيثة.