نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 255
كإبليس أورث بحسده لنفسه اللّعنة،
ولآدم الاجتباء والهدى والرّفع إلى محلّ حقائق العهد والاصطفاء، فكن محسودا ولا
تكن حاسدا فإنّ ميزان الحاسد أبدا خفيف بثقل ميزان المحسود، والرّزق مقسوم فما ذا
ينفع الحسد الحاسد؟ وما ذا يضرّ المحسود الحسد؟ والحسد أصله من عمى القلب وجحود
فضل الله وهما جناحان للكفر، وبالحسد وقع ابن آدم في حسرة الأبد وهلك مهلكا لا
ينجو منه أبدا، ولا توبة للحاسد لأنّه مصرّ عليه، معتقد به، مطبوع فيه، يبدو بلا
معارض به ولا سبب، والطبع لا يتغيّر عن الأصل وإن عولج) ([335])
تأمل ـ أيها المريد الصادق ـ هذه
المعاني الجليلة، وتفكر فيها، واعلم أن البلاء يتربص بالحاسد في أي محل، حتى يكون
فيه حتفه، كما كان حتف إبليس في حسده، ولولا حسده، لترضى الناس عنه، وسلموا عليه،
بدل لعنه ورجمه والتبري منه.
ومن الحكايات التي تحكى في هذا ما
روي أن رجلا كان يغشي بعض الملوك، فيقوم أمام الملك فيقول: أحسن إلى المحسن
بإحسانه والمسيء سيكفيكه مساويه، فحسده رجل على ذلك المقام والكلام، فسعى به إلى
الملك، فقال: إنّ هذا الّذي يقوم بحذائك، ويقول ما يقول يزعم أنّ الملك أبخر نتن
الرائحة، فقال له الملك: فكيف يصحّ ذلك عندي؟، قال: تدعو به غدا إليك؛ فإذا دنى
منك وضع يده على أنفه، حتى لا يشمّ ريح البخر، فقال له الملك: انصرف حتّى أنظر؛
فخرج من عند الملك، ثم دعا الرّجل إلى منزله؛ فأطعمه طعاما فيه ثوم كثير، فخرج
الرّجل من عنده، وقام بحذاء الملك، فقال ما تعود أن يقوله، فقال له الملك: ادن
منّي، فدنا منه، فوضع يده على فمه مخافة أن يشمّ الملك منه ريح الثوم، فقال الملك
في نفسه: ما أدري فلانا إلّا صدق، فكتب له كتابا بخطّه إلى عامل من عمّاله، يقول
له فيه: إذا أتاك حامل كتابي هذا، فاذبحه واسلخه واحش جلده تبنا وابعث به إليّ،
فأخذ