نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 253
والعارف لا يحسد أحدا على منصب
تبوأه، وكيف يحسده، وهو يعلم أن كل المناصب لا تساوي شيئا، أمام منصب القرب من
الله، وهو متاح للجميع، ولا يحال بين أحد من الناس وتبوئه.
ومما يروى عن بعض الحكماء في هذا أنه
قال: (ما حسدت أحدا على شيء من أمر الدّنيا، لأنّه إن كان من أهل الجنّة فكيف
أحسده على أمر الدّنيا وهي حقيرة في الجنّة؟.. وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على
أمر الدّنيا وهو يصير إلى النار؟)
وهكذا فإن الرؤية الحقيقية للوجود
والكون، تحمي صاحبها من هذا المثلب الخطير الذي لا يقع فيه إلا أصحاب العقول
الصغيرة الذين يختصرون الحياة في تلك اللحظات المعدودة، أو ذلك النعيم المحدود.
وقد روي في الحديث عن رسول الله a أنه قال: (قال الله
تعالى لموسى بن عمران: يا ابن عمران لا تحسدنّ الناس على ما آتيتهم من فضلي، ولا
تمدّنّ عينيك إلى ذلك ولا تتبعه نفسك، فإنّ الحاسد ساخط لنعمي، صادّ لقسمي الّذي
قسمت بين عبادي ومن يك كذلك فلست منه وليس منّي)([331])
وفي حديث آخر، قال a: (إنّ لنعم الله
أعداء فقيل: ومن أولئك؟ قال: الّذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله)([332])
وعن الإمام الباقر أنه قال: (إنّ الرّجل
ليأتي بأيّ بادرة فيكفر([333]) وإنّ الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النّار
الحطب)([334])