نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 252
وفي حديث آخر قال رسول الله a: (لا يجتمعان في
النار مسلم قتل كافرا، ثمّ سدّد وقارب، ولا يجتمعان في جوف مؤمن غبار في سبيل الله،
وفيح جهنّم، ولا يجتمعان في قلب عبد الإيمان والحسد)([330])
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد
الصادق ـ واستيقنت به نفسك، فاعلم أن الله تعالى قد يبتليك في أي لحظة بأي شيء
يبرز حقيقتك؛ فكن حذرا أن تكون كإبليس الذي أبى السجود لآدم، أو كأولئك الكتابيين
الذين عرفوا الحق وجحدوه حسدا من عند أنفسهم.
ولا تستبعد ذلك، فقد يكون الابتلاء
في خطأ ينبهك له بعض تلاميذك، ليرى الله مدى تواضعك لقبول الحق.. أو يبتليك الله
ببعض المغمورين من الناس، أو بعض من ترى نفسك أفضل منهم شأنا، ثم تراهم بعد ذلك في
مناصب أفضل من منصبك؛ فلا تتوهم أن القدر أخطأ حين فضلهم عليك؛ فإن ذلك قد يجرك
للحسد من حيث لا تشعر.
ولهذا؛ فإن الطريق الأسلم لك هو
التسليم لربك، وترك خلقه له، يرفع من يشاء منهم، ويخفض، ويعطي من يشاء، ويمنع..
وبدل أن تهتم بمن خُفض أو رفع.. أو أعطي أو منع.. اهتم بنفسك لتكون أهلا لفضل
ربك..
ولذلك؛ فإن تحقيق التوحيد،
وامتلاء القلب بالمعرفة بالله هو الذي يحفظك من كل هذه الأدواء.. فالعارف بربه، لا
ينظر إلى شيء إلا نظر إلى الله قبله وبعده ومعه.. فلذلك لا يعترض على شيء، بل
يكتفي بما كُلف به من تكاليف، ثم يترك الخلق للخالق والرزق للرازق.
والعارف بالله لا يحسد أحدا على
نعمة أعطاها الله له، وكيف يحسده، وهو يرى أن كل النعم في الدنيا والآخرة لا تساوي
لحظة أنس واحدة مع ربه.