إذا علمت ذلك ـ أيها المريد
الصادق ـ فإن أول ما عليك فعله حتى تتجنب الغفلة وآثارها، أن تستعمل الأدوية
والأسلحة التي تضادها، وتواجهها، وتبطل مفعولها، وأن تحرص عليها حتى لا يسلبها منك
الشياطين أثناء غفلتك عنها، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: ﴿ وَدَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ
فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً﴾ [النساء: 102]
فكما أن أول أهداف الأعداء الذين
يريدون السيطرة على أي حصن من الحصون، الوصول إلى مراكز أسلحته، وسرقتها، حتى لا
يتمكن أصحاب الحصن من الدفاع عن أنفسهم، فهكذا يفعل أعداء النفس، فهم يستغلون تلك
الغفلة التي تعتري الإنسان، لسلب أسلحته، والقضاء عليه بها.
وكما أن أول ما يفعله من يفطن
للأعداء تلك الصيحة التي يحذر بها منهم، فيفرون مدبرين.. فكذلك الأمر في عالم
الروح؛ فقد علمنا الله تعالى كيف نصيح بتلك الصيحة، حتى تستيقظ كل لطائفنا، وتنتبه
إلى العدو الذي يتربص بها.
وتلك الصيحة هي ذكر الله تعالى،
وحضور القلب معه، ولو تكلفا، فإن ذلك ـ مع الدوام عليه ـ سيعيد لكل لطائف الإنسان
يقظتها، وهو ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنكَ مِنَ
الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِالله إِنهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِن
الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا
فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: 200، 201]
ثم ذكر مقابلهم أولئك الذين
يسكنون ويفرحون للغفلة، ويلتذون بها، لأنها تجعلهم في مأمن من كل ما تدعوهم إليه
اليقظة من التكاليف، فقال: ﴿وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 21