وما ذكره رسول الله a هو الحقيقة بعينها، وليست مجرد
مثال، ذلك أن مآل كل زينة في الدنيا يتهالك عليها الناس إلى تلك الصورة التي ضربها
رسول الله a مثلا
للدنيا، فكل الثياب ستبلى، وكل الجمال سيذبل، وكل الطعام سيتحول إلى المزابل.
ولهذا
يعتبر رسول الله a الدنيا لضآلتها وقلتها سجنا بالنسبة للمؤمن الذي تنتظره الجنات
التي وسعت السموات والأرض، قال a: وقال a: (الدّنيا سجن المؤمن وجنة
الكافر)([98])
ويضرب
المثل على ذلك بتلك الآلام التي يجدها المستغرقون في حب الدنيا، فيقول: (من أصبح
والدّنيا أكبر همّه فليس من الله في شيء، وألزم الله قلبه أربع خصال: همّا لا
ينقطع عنه أبدا، وشغلا لا يتفرّغ منه أبدا، وفقرا لا ينال غناه أبدا، وأملا لا
يبلغ منتهاه أبدا)([99])
ويعتبر
أن كل شيء في الدنيا يحول بين المؤمن وتلك السعادة ملعون، فيقول: (الدّنيا ملعونة
ملعون ما فيها إلّا ما كان للَّه منها)([100])
ويعتبر
الدنيا والآخرة مثل الضرتين إذا أحب أحدهما أبغض الأخرى، فيقول: (من أحبّ دنياه
أضرّ بآخرته ومن أحبّ آخرته أضرّ بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى)([101])
ويبين
المصير الذي يصير إليه المتثاقلون إلى الدينا، فيقول: (ليجيئن أقوام يوم القيامة
وأعمالهم كجبال تهامة فيؤمر بهم إلى النار، فقيل: يا رسول الله أ مصلّين؟ قال: نعم
كانوا
[97]
رواه ابن أبي الدنيا في الزهد والبيهقي في الشعب.