نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 103
ويستحيل عليه العبث.
وإنما هو مثل ذلك الأستاذ الذي
يقول لتلاميذه في المرحلة الابتدائية، وفي حصة الحساب: أتقنوا جيدا ما تدرسونه من
هذه المسائل والمعالات.. لأنكم ستحتاجون إليها في مستقبل دراستكم.. وكل ما درستموه
الآن سيكون حقيرا وبسيطا وهزيلا جدا أمام ما لم تدرسوه.
وهكذا الأمر بل هو أعظم منه، في
ذكر القرآن الكريم للدنيا، فهو يقول للمنشغلين بها، إما بعلومها، وما يغذي عقولهم
منها.. أو ما يغذي بطونهم وأهواءهم: إن ما ترونه لا يساوي شيئا أمام ما لم تروه..
فلذلك جهزوا أنفسكم لتصبح صالحة لتلك العوالم التي لا تساوي الدنيا أمامها شيئا.
وهو يبادر قبل ذلك، فيقرر في نفوس
المؤمنين أن الله تعالى رب الدنيا والآخرة، وأنه الخالق لهما جميعا، وأنه العالم
بهما، وبصفات كل منهما، قال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا
فَعِنْدَ الله ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ الله سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾
[النساء: 134]
وانطلاقا من ذلك يبين الله تعالى
ـ باعتباره مالك الدنيا والآخرة والخبير بهما جميعا ـ أن الدنيا لا تساوي شيئا
أمام الآخرة، ومثل ذلك ـ أيها المريد الصادق ـ مثل رجل يريد أن يري قوما بعض قصوره
وضياعه؛ فإذا رأوا بعضها، وبهتوا لها، قال لهم: هذا شيء هين وقليل وحقير جدا بجانب
ما لم تروه..
وقد ورد ذلك التهوين من شأن
الدنيا مقارنة بالآخرة بصيغ كثيرة، منها قوله تعالى:﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ
شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ الله خَيْرٌ
وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [القصص: 60]، فهذه الآية الكريمة تشير إلى
أن كل ما في الدنيا من متاع وزينة يوجد ما هو خير منه وأدوم في الآخرة.. ولذلك فإن
الزاهد في الدنيا، لن يضيع زهده، بل
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 103