عن تلمذتهم لليهود، وروايتهم لأخبارهم، ومنها ما رواه أبو هريرة عن رسول الله a أنه قال: (لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن، فمن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه.. وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)[1]

ومن العجائب في هذا الحديث أنه ينهى عن كتابة حديث رسول الله a، في نفس الوقت الذي يجيز الحديث عن بني إسرائيل..

وهذا الحديث معارض بتلك النصوص المقدسة الكثيرة التي تحذر من خلط دين الله الصافي بأي منبع من المنابع المختلطة، ومن أهم تلك الأحاديث الحديث الذي ضربه السلفية عرض الحائط، ولم يعطوا له أي قيمة عملية على الرغم من صحته وصراحته، وهو ما روي أن عمر أتى رسول الله a بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فغضب، وقال: (أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟! والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى - a - كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني)[2]

وللأسف فإن السلفية الذين يزعمون التزامهم بسنة رسول الله a، والذي غضب لأجل موقف عمر ذلك الغضب الشديد، يعتبرون من مناقب أبي هريرة ما مدحه به كعب الأحبار من قوله له: (ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة) [3]

وهذا يدل على التلمذة الطويلة لأبي هريرة على يدي أستاذه كعب الأحبار، وأن تلك الشهادة أو الإجازة، لم ينلها أبو هريرة إلا بعد أن امتحنه كعب، وأدرك حفظه عنه حفظا جيدا.

[1] البخاري (6 / 496 رقم 3461) والترمذي (7 / 431 - 432 رقم 2806)

[2] مسند الإمام أحمد بن حنبل: 3/387 ح(15195).

[3] تذكرة الحفاظ 1 / 36، ابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 343) سير أعلام النبلاء: (2/ 600)