وهذا الموقف إن
صح عنه يدل على عدم استيعابه لقيم الإسلام، وأخلاقه العالية، وإلا كيف يتحدث عمن
صارت زوجته بهذه الطريقة، ثم كيف يرضى أن يتصرف معها بمثل ما كانت تتصرف به معه؟
ولذلك فإن
المشكلة مع أبي هريرة لا تتعلق برواياته فقط، وإنما تتعلق أيضا بسلوكاته التي
أرادت الفئة الباغية أن تنسخ بها تلك القيم النبيلة التي جاء بها رسول الله a، والتي مثلها السابقون الصادقون من الصحابة، لتجعل
أبا هريرة هو نموذجهم لا عمارا وبلالا وأبا ذر وغيرهم من الذين ضحوا بكل شيء في
سبيل الله، ومثلوا القيم الإسلامية بأرقى درجاتها.
وقد روي أنه أيام
ولايته على المدينة في خلافة معاوية كان يتصرف تصرفات غريبة تلفت الانتباه إليه،
وهم يحملونها على تواضعه، ولكنها قد تحمل على محامل أخرى، ومنها ما رواه محمد بن
زياد قال: كان مروان ـ أيام ولايته على المدينة في خلافة معاوية ـ يستخلف أبا
هريرة على المدينة فيضرب برجليه فيقول: خلوا الطريق خلوا الطريق قد جاء الأمير قد
جاء الامير ـ يعني نفسه[2].
وعن أبي رافع
قال: كان مروان يستحلف أبا هريرة على المدينة فيركب حماراً قد شدّ عليه برذعة وفي
رأسه خلبة من ليف فيسير فيلقى الرجال فيقول: الطريق! قد جاء الأمير! (قال): وربما
أتى الصبيان وهم يلعبون بالليل لعبة الغراب فلا يشعرون بشيء حتى يلقى نفسه بينهم،
ويضرب برجليه[3].