نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 18
بالله، مع أنهم في قمة العبودية لله، وقمة التواضع مع
من يعتقدون فيه الولاية لله.
فإذا سألته عن سر ذلك الحكم الخطير، دلك على تلك
الأنداد التي جعل لها حق التشريع والحكم، وأعطاها أعظم معاني العبودية، وهي الطاعة
المطلقة، التي اعتبرها الله تعالى شركا، فقال مخبرا عن أهل الكتاب: Pاتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ
دُونِ اللَّهِ O [التوبة: 31]، وقد ورد في الحديث تفسيرها، فقد سُئل
حذيفة عن معناها، وعن كيفية عبادتهم للأحبار والرهبان، فقال: (أَحَلُّوا لهم
الحرام فاستحلوه، وحَرَّمُوا عليهم الحلال فحرموه)[1]
بل روي ذلك عن رسول الله a، فعن عَدِيّ
بن حاتم قال: أتيتُ النبي a وفي عُنُقِي صَلِيبٌ من ذَهَبٍ، فقال: (ما هذا يا عدي اطرح عنك
هذا الوثن)، وسمعته يقرأ في سورة براءة Pاتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ
وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَO [التوبة: 31]، ثم قال: (أما إنهم لم يكونوا يَعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلُّوا لهم شيئًا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئًا حرَّموه)[2]
وهذا حديث يبين أن الشرك الجلي الحقيقي هو ذلك الخضوع
المطلق لتلك الأنداد الكثيرة من أصحاب الملك العضوض، وأعوانهم من علماء السلاطين
الذين أخذوا عنهم أمثال تلك الأحكام الخطيرة، غافلين عن آلاف العلماء، ومن جميع
المدارس الإسلامية، والذين يخالفونهم في ذلك.
وهكذا نجد الذين يشمتون بأولئك المتواضعين الذين
يقفون على أبواب الأضرحة أو شبابيكها يبكون ويتضرعون إلى الله، وهم في غاية
التوحيد والتنزيه والإيمان، يقعون في كل صنوف التجسيم والخرافة، والتي تمثل أعظم
مظاهر الشرك والتشويه لحقيقة الألوهية وعظمتها.
[1]
رواه الترمذي، وابن جرير، والبيهقي؛ انظر:جامع الأصول (2/161)
[2]
رواه الترمذي رقم (3094)، وابن جرير رقم (16631) و(16632) و(16633)
نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 18