نام کتاب : المزارات الدينية بين الرؤية الإيمانية والرؤية التكفيرية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 117
وقد حاول أصحاب الرؤية التكفيرية رده بكل ما أمكنهم
من صنوف التأويل، ومن ذلك قول الألباني: (وهذا الوصف إنما ينطبق على الملائكة أو
الجن ؛ لأنهم الذين لا نراهم عادة، فلا يجوز أن يُلحَق بهم المسلمون من الجن أو
الإنس ممن يسمونهم برجال الغيب من الأولياء والصالحين، سواء كانوا أحياء أو
أمواتا، فإن الاستغاثة بهم وطلب العون منهم شرك بيِّن ؛ لأنهم لا يسمعون الدعاء،
ولو سمعوا لما استطاعوا الاستجابة وتحقيق الرغبة، وهذا صريح في آيات كثيرة، منها
قوله تبارك وتعالى: P وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ
مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا
مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا
يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ O [فاطر: 13، 14])[1]
ولست أدري هل كان واعيا في استدلاله بالآية الكريمة
أم لا؟ لأنها تنطبق على من يعتقد ندية المخلوق لله، وهو يصدق على الجن والملائكة
وغيرهم.. وليس خاصا بالبشر أو الجن فقط.
ومقتضى كلامه أن من اعتقد إغاثة الملائكة له، لا يكون
مشركا، بخلاف ما لو اعتقد إغاثة الصالحين له، لما آتاهم الله في عالمهم من القدرات
على ذلك.
وقد كان في إمكان أصحاب الرؤية التكفيرية لو كانوا
متواضعين أن يرحموا أولئك المساكين الذين يعتقدون بأن الله آتى أولياءه في العالم
الغيبي من فضله ما يستطيعون به عون الأحياء، لأن العون إلهي، ولا يهم مصدره، هل هو
من الملائكة أم من الجن أم من البشر؟
لكنهم لم يفعلوا مع أن ابن تيمية نفسه والفريق الذي
ينتمي إليه يرى فضل صالحي البشر على الملائكة، وخاصة بعد موتهم [2]..
ولكنهم للأسف، ونتيجية غلبة المزاجية والهوى، يرمون بكل عقائدهم التي يتبنونها
ويدافعون عنها في سبيل الحكم على المسلمين بالشرك الجلي في قضايا فرعية وردت بها
الأدلة الصحيحة الصريحة التي لا يمكن دفعها.