قال: لقد استقرأت جميع النصوص التي تنفي الطبيعة
التي تزعمونها للمسيح، فوجدت أنها تدور على تقرير حقيقتين كبيرتين:
الأولى أن المسيح عبد لله.. وأنه نال شرفه العظيم
بهذه العبودية.. وقد رأيت أن كل ما تنسبونه للمسيح من طبيعة هو ناتج عن سوء فهمكم
لعظمة العبودية.
وقد ذكر القرآن الكريم هذه الحقيقة عن المسيح في
مواضع كثيرة، فقال :P لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً
لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ
وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً O
(النساء:172)، وقال:P لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ
هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ
اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ
حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ
مِنْ أَنْصَارٍ O (المائدة:72)
ولأجل هذا كان أول ما نطق به المسيح هو تقريره
لعبوديته لله، كما قال تعالى مخبرا عن نطقه في المهد :P
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً
وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ
مَا دُمْتُ حَيّاً O (مريم:30 ـ 31)
وقد أخبر الله تعالى عن شهادته في الموقف يوم
القيامة، فقال على لسانه :P مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ
أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا
دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ
وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌO (المائدة:117)
وأما الحقيقة الثانية، فهي حقوق إنسانية المسيح التي
تتجلى في طبيعته البشرية، وما تقتضيه هذه الطبيعة من سلوك، قال تعالى :P
مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ
الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ
نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ O
(المائدة:75)
كان لقراءته تأثيرها العظيم في نفسي.. فالكلمات
واضحة.. والمعاني واضحة تمتلئ بها النفس والروح والعقل.. ولكن كبريائي كانت تحول
بيني وبين الاستماع الحقيقي المؤدي إلى