لا يهمكم أن تعرفوا اسمي.. ولا مدى دقة ما حصل لي مما
سأحكيه لكم.. بل كلوا البقلة، ولا تسألوا عن البقال..واستمتعوا بالنور، ولا يهمكم
السراج الذي صدر منه.
بداية قصتي
تبدأ من نهاية القصة الأولى التي سمعتموها من صاحبي المختفي الذي لا يكاد يرى..
فأنا كنت مثله مسيحيا، ثم بعد أن سمعت قصته خرجت من الثالوث إلى الوحدة.. ومن
المسيحية المحرفة إلى المسيحية المصححة..
لكني وفي بداية
إسلامي.. ومع إخلاصي فيه.. كانت في عقلي بعض لوثة من عقيدة الفداء التي غرست
جذورها في أعماق كياني.. ولذلك كنت أسأل الله دائما أن يقيض لي من الأشعة ما يرفع
منها كل أثر، ويمحو منها كل دنس.
وقد استجاب
الله دعوتي..
فبينما كنت
أسير في تلك المدينة العجيبة أمام بعض السجون بثياب رجال الدين.. التي كنت ألبسها لأصد
عني كل شبهة.. سمعت سجينا يصيح بملء فيه : ( أنا بريء.. أنا بريء..)
لم ألتفت في
البدء لهذا الصياح.. فأنا أعلم أن كل السجناء يرددون مثل هذا.. فمن الصعب على
المجرم أن يعتقد أنه مجرم.. ولو اعتقد أنه مجرم لربما كان ذلك سببا لتوبته وإقلاعه
عن إجرامه.
لكن صياحه
اشتد.. وصرت أسمعه يقول: ( نعم.. الجريمة وقعت.. ووقعت في بيتي.. لكن أبي هو
المسؤول عنها.. لقد أقر أمامكم بذلك.. فلماذا أخذتموني بدله؟)
عندما قال
هذا بدأت الوساوس تخطر على بالي، وقلت لنفسي: تعالي معي.. لعل لهذا المجرم من
الشأن ما يستدعي أن أقف بجانبه.