قال: لا أظن أن المسيحي الذي يقول هذا يكون قد قرأ
الكتاب المقدس مرة واحدة في حياته.
قلت: وما أدراك بذلك؟
قال: لأن كل من قرأ الكتاب المقدس سيعلم أن المعجزات
وحدها لا تكفي للدلالة على النبوة، فكيف تكفي للدلالة على الألوهية؟.. لقد ورد في
متى( 24: 24):( سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة، ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى
يضلوا المختارين).. فإذا كان المنافق الكاذب يستطيع أن يأتي بالمعجزات والافعال
العجيبة، فعلى أي قياس يمكننا أن نميز بين الانبياء الحقيقيين ومدعي النبوة!؟...
وإذا كان الحال كذلك فهل نستطيع اعتبار معجزات المسيح دليل على نبوته فضلاً عن
اتخاذكم إياها دليلاً على ألوهيته!؟
دعنا من هذا.. فأنا أتحدث مع حبر عالم لا مع عامي..
أجبني: هل كان قيام المسيح بصنع المعجزات والافعال العجيبة استناداً إلي قوته
الذاتية وسلطانه، أم استناداً إلي قوة الله؟
صمت، فقال: من العجيب أن تعتبروا المعجزات دليلا على
الألوهية مع كون المسيح نفسه يقر بأن القدرة التي كان يمتلكها هي مدفوعة له من
الله تعالى.. لقد قال في إنجيل متى (11: 27 ):( كل شيء قد دفع إلي من أبي) فالرب
هو الدافع والمسيح هو المدفوع له.. ولا شك أن هناك فرقا عظيم بين الدافع والمدفوع
له.
ليس هذا فقط.. بل قد ورد التصريح بهذه الحقيقة العظيمة في مواضع كثيرة من
الأناجيل:
فقد جاء في إنجيل يوحنا( 5: 19):( فأجاب يسوع، وقال
لهم: الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب
يعمل)
وفيه أيضا، وفي نفس الإصحاح (5: 30 ):( أنا لا أقدر
أن أفعل من نفسي شيئا. كما أسمع أدين ودينونتي عادلة لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة
الآب الذي أرسلني )
وفي نفس الإنجيل (5: 36 ):( وأما أنا فلي شهادة أعظم
من يوحنَّا. لأن الأعمال التي أعطاني