قلت:
عرفت أسرار العداوة والصداقة والسنن والمقادير والثبات والتطور.. فحدثني عن أسرار
الفناء والبقاء.. وعلاقتها بأسرار الحياة.
قال: بعد أن علمت أسرار الثبات والتطور الذي أودعه الله في جميع الكائنات،
والذي تنتقل به من البساطة إلى التعقيد.. ومن السطحية إلى الأعماق.. ومن الجهل إلى
العلم.. تاقت نفسي لمعرفة سر الفناء والبقاء.. ذلك أنهما ركنان أساسيان في
الحياة.. فالكل يخشى الفناء، ويهرب منه بكل الطرق.. والكل يحب البقاء، ويستعمل له
كل الوسائل.
وبمجرد
أن خطر هذا على بالي، أتاح الله لي وسائل التعرف عليه من غير أن يكون لي أي جهد في
ذلك؛ فالله تعالى برحمته جعل لعباده من الآيات ما يعرفون به الحقائق الكبرى، حتى
لا يحتجوا عليه بجهلها، أو بصعوبة فهمها.
وقد
كتب الله لي أن أتعرف على هذه الأسرار في مقبرة ببلدتي، ذهبت إليها لزيارة قبري
صديقين لي توفيا في نفس اليوم، بسبب حادث ألجأهما إلى المستشفى أياما، ثم ما لبثا
أن غادرا الحياة.
وقد
عجبت إذ وجدت قبريهما متجاورين مع أن المسافة بينهما أثناء الحياة كانت متباعدة
جدا، وفي كل شيء.
أما
أحدهما، فكان صاحب ثروة ضخمة، وكان مسرفا على نفسه، يعطيها من الأهواء كل ما ترغب
فيها، فإذا ما عوتب على ذلك، أنشد قول الخيام: