قال:
أولئك شر الناس، وإن بدوا للناس أنهم خيرهم، ذلك أن الشيطان استحوذ عليهم، واستثمر
إخلاصهم وصدقهم، ليضرب دينهم.
قلت:
ولكن كيف لم يخلصهم الإخلاص؟.. وكيف لم ينجهم الصدق؟
قال:
الإخلاص والصدق يحتاجان إلى الاتباع.. وأولئك قد عبث الشيطان بهذا الجانب منهم،
فلذلك بدل أن يتبعوا أهل الهدى اتبعوا أهل الهوى.
قلت:
لقد ذكرتني بسورة الفاتحة؛ فقد اعتبر الله تعالى فيها السراط المستقيم هو اتباع
أهله من الذين أنعم الله عليهم.
قال:
وأولئك قد تركوا من أمروا باتباعهم، ورفضوا أن يركبوا سفينتهم، ثم لجأو بعدها لسفن
شتى، كل سفينة أخذت بهم طريقا من الطرق.
قلت:
لقد ذكرتني بحديث لرسول الله a
يقول فيه: (إن الله ضرب مثلا صراطا مستقيما، على كنفي الصراط، زوران لهما أبواب
مفتحة، على الأبواب ستور، وداع يدعو على رأس الصراط، وداع يدعو فوقه: ﴿وَاللَّهُ
يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
[يونس: 25]، والأبواب التي على كنفي الصراط حدود الله، فلا يقع أحد في حدود الله
حتى يكشف الستر، والذي يدعو من فوقه واعظ ربه)[1]
قال: صدق رسول الله a.. وهذا مبدأ الورع.. فلا ورع
من دون اتباع.. ولا اتباع من غير معرفة من أمرنا باتباعهم.
قلت:
لقد كنت أحسب الورع ذلك الذي ذكر فيه رسول الله a (الرجل يطيل
[1]
أحمد (4/183)، والترمذي (2859)، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (9/11714)