سادسا المتسامی
قلت: عرفت السر الخامس من أسرار الإنسان.. فما السر السادس؟
قال: إنه السر الذي يشير إليه قوله تعالى :﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)﴾ (التين)، وقوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا (70)﴾ (غافر)
قلت: هذه الآيات تتحدث عن كرامة الإنسان، وما من الله به عليه من ألطافه.
قال: كرامة الإنسان مرتبطة بتساميه وترفعه.. فلا كرامة للإنسان المدنس بدنس أهوائه، المختوم على قلبه بختم كبريائه.
قلت: فما التسامي؟.. وكيف يتسامى الإنسان؟
قال: التسامي هو أن يعيش الإنسان بجسده في الأرض من غير أن يلطخ قلبه ومشاعره ووجدانه بأوحالها.
قلت: هل يمكن ذلك؟
قال: أجل.. بالتسامي يصعد الإنسان إلى السموات العلا، ويعرج إلى الملأ الأعلى..
قلت: من غير أن يفارق جسده الأرض.. ومن غير حاجة إلى مركبات فضائية.
قال: الإنسان كائن سماوي.. وهو لا يحتاج لذلك لأي مركبات.. فالمركبات للطين لا للروح.
قلت: أراك تملؤني فخرا بحقيقتي..
قال: حقيقتك لن تظل كذلك حتى تحافظ عليها..
قلت: فحدثني كيف أحافظ عليها..
قال: هذا هو سر التسامي الذي رزقني الله تعلمه في تلك المدينة العجيبة التي فتح لي