وحتى يتناسق ما ذكرنا مع ذكرت أقول لك[1]: إن المال مثل حية فيها سم وترياق، ففوائده ترياقه، وغوائله سمومه.. فمن
عرف غوائله وفوائده أمكنه أن يحترز من شره ويستدر من خيره.
قال بعض
الحاضرين: فحدثنا عن فوائده حتى نستفيدها.
قال شعيب:
فوائد المال تنقسم إلى دنيوية ودينية.. أما الدنيوية فأنتم تعرفونها، بل الكل مطبق
على معرفتها.. فلذلك لا حاجة إلى ذكرها فإن معرفتها مشهورة مشتركة بين أصناف الخلق،
ولولا ذلك لم يتهالكوا على طلبها..
وأما الدينية
فتنحصر في ثلاثة أنواع..
قلنا: فما
النوع الأول؟
قال شعيب: النوع
الأول أن ينفقه على نفسه: إما في عبادة أو في الاستعانة على عبادة.. أما في
العبادة: فهو كالاستعانة به على الحج، وهو من من أركان الإسلام.. وأما فيما يقويه
على العبادة: فذلك هو المطعم والملبس والمسكن وغيرها من ضرورات المعيشة.. فإن هذه
الحاجات إذا لم تتيسر كان القلب مصروفاً إلى تدبيرها فلا يتفرغ للدين، ومالا يتوصل
إلى العبادة إلا به فهو عبادة، فأخذ الكفاية من الدنيا لأجل الاستعانة على الدين
من الفوائد الدينية.. ولا يدخل في هذا التنعم والزيادة عن الحاجة فإن ذلك من حظوظ
الدنيا فقط.
قلنا: عرفنا
النوع الأول.. فما النوع الثاني؟
قال شعيب: النوع
الثاني ما يصرفه إلى الناس، كالصدقة، والمروءة، ووقاية العرض، وأجرة الاستخدام.
قلنا: ما
تعني بذلك؟
[1]
ما نذكره هنا من محاسن المال ومذامه مقتبس بتصرف من (كتاب ذم البخل وذم حب المال)،
وهو الكتاب السابع من ربع المهلكات من كتاب إحياء علوم الدين.