القاسم a دعاني
فأجبته. فقال: (أترى أحدا؟) فنظرت ما عليّ من الشّمس وأنا أظنّ أنّه يبعثني في
حاجة له فقلت: أراه. فقال: (ما يسرّني أنّ لي مثله ذهبا أنفقه كلّه إلّا ثلاثة
دنانير) ثمّ هؤلاء يجمعون الدّنيا لا يعقلون شيئا. قال: قلت: مالك ولإخوتك من قريش،
لا تعتريهم وتصيب منهم. قال: لا. وربّك لا أسألهم عن دنيا ولا أستفتيهم عن دين
حتّى ألحق باللّه ورسوله)[1]
وعن أبي ذرّ
قال: انتهيت إلى النّبيّ a وهو جالس في
ظلّ الكعبة فلمّا رآني قال: (هم الأخسرون وربّ الكعبة!) قال: فجئت حتّى جلست، فلم
أتقارّ[2] أن قمت، فقلت: يا رسول اللّه فداك أبي وأمّي من هم؟ قال: (هم الأكثرون
أموالا، إلّا من قال هكذا وهكذا وهكذا (من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله)
وقليل ما هم، ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدّي زكاتها إلّا جاءت يوم
القيامة أعظم ما كانت وأسمنه، تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلّما نفدت أخراها
عادت عليه أولاها، حتّى يقضى بين النّاس)[3]
قال رجل منا:
فإن لم يفد كل هذا في تقويمه؟
قال شعيب:
حينها يحتاج إلى طبيب روحي مرشد قد يلزمه بما كان يلزم به بعض الصالحين تلاميذه،
فقد كان يمنعهم من الاختصاص بشيء لهم.. وكان إذا توهم في تلميذ من تلاميذه فرحه بما
عنده نقله عنه، وأخرجه عن جميع ما ملكه، وإذا رآه يلتفت إلى ثوب جديد يلبسه أو
سجادة يفرح بها يأمره بتسليمها إلى غيره ويلبسه ثوباً خلقاً لا يميل إليه قلبه، فبهذا
يتجافى القلب عن المتاع الزائل.