وقال الفضيل: ما رأيت أزهد من رجل من أهل خراسان جلس
إلي في المسجد الحرام ثم قام ليطوف فسرقت دنانير كانت معه فجعل يبكي فقلت أعلى
الدنانير تبكي؟ فقال: لا. ولكن مثلتني وإياه بين يدي الله عز وجل فأشرف عقلي على إدحاض
حجته فبكائي رحمة له؟
***
بقينا مدة في
صحبة أبي طالب المكي يعلمنا الحلم وأسراره، ويذكر لنا من أخبار أهله ما تتشوف له
نفوسنا.. وبعد أن اختبرنا بعض الاختبارات، ورأى نجاحنا فيها أجازنا فيه وفي علومه..
ثم أمرنا بالسير إلى القسم الثالث من أقسام تلك المدرسة.
3 ـ الألفة
سرنا إلى
القسم الثالث، وكان إمامه إمام من أئمة العلم والصلاح.. وكان يعرف بين الجميع بـ (شمس
الأئمة)، وكان - كما ذكر لي - من نسل العلامة الجليل محمد بن أحمد السرخسي[1]..
[1]
أشير به إلى العلامة محمد بن أحمد السرخسي ( ت 490 هـ)، وهو محمد بن أحمد بن أبي
سهل، أبو بكر السَّرخسي، الملقب بـ (شمس الاَئمة)، كان من كبار فقهاء الحنفية،
أصولياً، مناظراً، من المجتهدين في المسائل.. صنّف كتبا كثيرة مهمة منها: شرح
(الجامع الكبير)، وكتاب في الاَُصول، وشرح مختصر الطحاوي، والنكت وهو شرح لزيادات
الزيادات للشيباني.. وأملى (المبسوط) في الفقه، وهو محبوس في أوزجند بفرغانة..
وكان سبب سجنه كلمة نصح بها الخاقان.. ولما أطلق سكن فرغانة إلى أن توفي بها
(انظر: الجواهر المضية 2/28)