قال الثاني:
لكأني بك تنتقي من الأدلة ما تشاء، وتختار من الشمائل ما تهوى..
قال الأول:
لا.. معاذ الله.. فكل من وصف النبي a أخبر عن هذا..
ولولا أن هذه هي الصفة الغالبة لرسول الله a
ما وردت كل تلك النصوص تدل عليها.
قال الثاني:
فأين أنت – إذن – من موقفه a لما رأى بعض أصحابه
يختلفون في آية من القرآن، فتماروا فيها حتّى ارتفعت أصواتهم، فخرج رسول اللّه a مغضبا، قد احمرّ وجهه، ويقول: (مهلا يا قوم، بهذا أهلكت الأمم من قبلكم،
باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض. إنّ القرآن لم ينزل يكذّب بعضه
بعضا، بل يصدّق بعضه بعضا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردّوه إلى
عالمه)[1]؟
وأين أنت مما
روي أنه a خرج على بعض أصحابه، وهم يتنازعون في القدر فغضب حتّى
احمرّ وجهه حتّى كأنّما فقيء في وجنته الرّمّان، فقال: (أبهذا أمرتم، أم بهذا
أرسلت إليكم؟ إنّما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمت عليكم، عزمت
عليكم ألّا تتنازعوا فيه)[2]؟
وأين أنت من
حروبه التي حارب بها a أعداء دينه.. أليست تلك الحروب
خير مثال على الشدة التي جاء بها هذا الدين؟
قال الأول:
نعم أقر بما ذكرت.. ولكنه قليل بجنب ما ورد من رحمته ولينه.. بالإضافة إلى أنك لو
تأملت جيدا ما ذكرته، فستجد أن غضبه a في هذه المواقف كان
غضب رحمة ولطف، لا غضب قسوة وشدة.