سرنا إلى
القسم الثالث، وكان شيخه إمام جليل قدم من قلقشندة من أرض مصر.. وكان يقال له (عبد
الوهاب الشعراني)[1].. وقد امتلأ صلاحا من مفرق رأسه إلى أخمص قدميه.
عندما دخلنا
القسم، رأيناه يحمل كتابا من تأليفه كان عنوانه (لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية)[2]
بمجرد أن
رآنا قال لنا مرحبا: مرحبا بكم في قسم المعاهدة.. هل أحضرتم معكم دفاتركم
وأقلامكم؟
[1]
أشير به إلى الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن علي بن أحمد، أبو محمد الشعراني أو
الشعراوي المصري ( 898 ـ 973 هـ ) الفقيه الشافعي، الصوفي، ولد في قلقشندة (بمصر)،
ونشأ بساقية أبي شعرة، وانتقل إلى القاهرة سنة (911 هـ)، فقطن بجامع الغمري، وحفظ
بعض الكتب في الفقه والعربية، وقرأ على أمين الدين إمام الجامع المذكور. ثم جاهد
نفسه مدة وقطع العلائق الدنيوية، وأخذ التصوف عن: الخوّاص، والمرصفي، والشناوي.. وتصدى
للتصنيف، فألّف كتباً، منها: (الاَجوبة المرضية عن الفقهاء والصوفية)، و(البحر
المورود في المواثيق والعهود)، و(الدرر المنثورة في زبد العلوم المشهورة)، و(منح
المنة في التلبس بالسنّة)، و(البدر المنير)، و(الاَنوار القدسية في معرفة آداب العبودية)،
و(درر الغوّاص)، و(المنهج المبين في أدلة المجتهدين)، و(لواقح الاَنوار في طبقات
الاَخيار)، و(اليواقيت والجواهر في عقائد الاَكابر)
ولا يخفى سر اختيارنا له في
هذا المحل..
[2]
قال الشعراني في مقدمة كتابه هذا مبينا غرضه من تأليفه: (هذا كتاب نفيس لم يسبقني
أحد إلى وضع مثاله ولا أظن أحدا نسج على منواله ضمنته جميع العهود التي بلغتنا عن
رسول الله صلى الله عليه و سلم من فعل المأمورات وترك المنهيات ( وسميته لواقح
الأنوار القدسية في العهود المحمدية ) وكان الباعث لي على تأليفه ما رأيته من كثرة
تفتيش الإخوان على ما نقص من دنياهم ولم أرى أحدا منهم يفتش على ما نقص من أمور
دينه إلا قليلا فأخذتني الغيرة الإيمانية عليهم وعلى دينهم فوضعت لهم هذا الكتاب
المنبه لكل إنسان على ما نقص من أمور دينه فمن أراد من الإخوان أن يعرف ما ذهب من
دينه فلينظر في كل عهد ذكرته له في هذا الكتاب ويتأمل في نفسه يعرف يقينا ما أخل
به من أحكام دينه فيأخذ في التدارك أو الندم والاستغفار إن لم يمكن تداركه)