الفطرة الأصلية والسلامة الخلقية، وما بلغوا إلى درجة
الاستعداد لفهم الدلائل اليقينية والمعارف الحكمية)[1]
قلت: فهم وحدهم المخصوصون بهذه المرتبة إذن؟
قال: لا.. كل المخاطبين قد يحتاجون إلى هذه المرتبة.. وما ذكره
الرازي هو الأعم الأغلب.
قلت: ما تعني؟
قال: إن كل إنسان مهما بلغت به مرتبته من الكمال العقلي، فإنه
لا محالة صاحب نفس، وهي لا محالة تؤثر فيه، وتؤثر عليه.. ولذلك كان من كمال الخطاب
العقلي مزجه بخطاب النفس.
قلت: فبم تخاطب النفس؟
قال: النفس ترغب وترهب، وتحب وتبغض، وتشح وتحرص.. فلذلك يتسلل
إليها العاقل مما تحب ليوجهها إلى عوالم الحكمة والحقائق.
قلت: كيف ذلك؟
قال: أرأيت اللص الحريص على جمع المال من حله وحرامه؟
قلت: هو مجرم بفعله.
قال: أعلم ذلك.. وأنا لا يهمني أن أحكم عليه.. بل كل همي هو
التفكير في كيفية تخليصه من اللصوصية والإجرام.
قلت: أحسن وسيلة هي أن يزج به في السجن مع المجرمين.