على التحالف الذي كانوا يفعلونه على عمل الصالحات، كحلف المطيَّبين[1]، وحلف الفَضول[2]، فقال a:(شهدت حلف المطيَّبين مع عمومتي وأنا
غلام، فما أحب أن لي حُمْرَ النَّعَمِ، وأني أنكثه)[3]
قلت: فما النوع الثالث؟
قال: بين هذا وذاك.. عادات سكت عنها الشرع، فلم يحرمها ولم يوجبها..
وقد ترك الشرع هذه المساحة عفوا..
قلت: مثل ماذا؟
قال: مثل ما اعتاده الناس في أطعمتهم وألبستهم وولائمهم وأفراحهم،
وأدويتهم، وطرق بنائهم، وما شابه ذلك..
قلت: وما حاجة الحكيم لهذا؟
قال: ألا تعرف المثل الذي يقول (إذا كنت في قوم فاحلب في إنائهم)؟
قلت: بلى.. أعرفه..
قال: فالحكيم هو الذي يطبقه مع مخاطبيه.. فهو يراعي أعرافهم ويحترمها
ليكون ذلك سببا في إقبالهم عليه، وانفعالهم له.
قلت: فهل لذلك أمثلة؟
قال: بل ترك النبي a
لذلك قاعدة لها تحكم في كثير من فروع الأحكام.. لقد قال a
[1] حلف المطيبين: وهو حلف عقد في أيام
الجاهلية، وسمّي بهذا لأن المتحالفين طيّبوا الكعبة، وطيّبوا بعضهم، السيرة لابن
هشام [1/150]
[2] الفضول: هو حلف عقد في الجاهلية،
وقيل: سمّي بذلك لأن معظم المتحالفين كانت أسماؤهم (الفضل) السيرة لابن هشام [1/153]
[3] رواه
أحمد والبيهقي في السنن الكبرى وصححه الحاكم ووافقه الذهبي..