قال: الحكيم يتعامل مع مثل هذه الأدواء مثلما يتعامل الجراح الماهر
مع ما يريد استئصاله من الأدواء.. فهو يتلمس لذلك كل سبل الحكمة.. بينما الطائش لا
يبالي بما يفعل، وقد يقتل المريض بطيشه.
قلت: فهل يمكن أن تضرب لي أمثلة عن هذا النوع من الأعراف؟
قال: إن في بلادنا أعرافا كثيرة متوارثة.. ولها تحكم في الكثير من
الناس.. ولم أر من الحكمة أن نستعجل بالإنكار عليها.. بل رأيت أن الأولى هو تقديم
القناعات الكافية التي تجعل أصحاب هذا النوع من الأعراف يقلعون عنها من غير شعور.
قلت: أليس السكوت عن البيان وقت الحاجة لا يجوز؟
قال: لكل حاجة وقتها ومرتبتها.. ولا يصح أن نخترق المراحل.. أو نبدل
الأوقات..
قلت: فهل لذلك دليل من السنة؟
قال: أدلة ذلك لا تحصى.. لقد جاء النبي a إلى بيئة كانت ممتلئة بالعادات القبيحة..
أخبرني كيف كانت عقود الزواج في تلك البيئة التي جاءها النبي a؟
قلت: لقد كانت عقود الزواج فيها أكثرها عقود سفاح[1].
قال: فهل رأيت النبي a من
خلال ما ورد في السيرة.. أو من خلال ما ورد في القرآن المكي يتحدث عن هذه القضايا،
ويركز عليها، ويجعلها محط اهتمامه؟
[1] فقد
ورد أن الزواج كان عندهم على أنواع: منها نكاح الاستبضاع.. وغيرها، رواه البخاري
وغيره.