تحلق الدين، كما قال a:(دب إليكم داء الأمم قبلكم:
الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، أما إني لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق
الدين)[1]، وقال a:(والذي نفسي بيده! لا تدخلوا
الجنة حتى تسلموا، ولا تسلموا حتى تحابوا، وافشو السلام تحابوا، وإياكم والبغضة ؛
فإنها هي الحالقة، لا أقول لكم: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين)[2]
فإذا وقع التدابر أظلمت الوجوه، وساء ظن
المسلم بأخيه (والظن أكذب الحديث)، وتفوهت الأفواه بفاحش القول وألوان البهت،
وربما امتدت الجوارح بالضرب والقتل وقد قال a:(المسلم أخو المسلم لا يخونه
ولا يكذبه ولا يخذله كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه التقوى ههنا وأشار
إلى القلب بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)[3]، وقال:(المؤمن من آمنه الناس
والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر السوء، والذى نفسي بيده لا
يدخل الجنة عبد لا يامن جاره بوايقه)[4]
فإذا وقع ما نهى رسول الله a عنه فسد العباد وساءت البلاد،
وفشلت الأمة، وذهب ريحها، كما قال تعالى:﴿ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا
وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ (الأنفال:46)
ونتيجة لهذه المفاسد العظيمة والعواقب
الوخيمة كان الصلح بين المتخصامين من أجل القربات وأعظم الطاعات، حث عليه الشارع
ورغب فيه، وجعله خير ما يتناجى به المتناجون، قال تعالى:﴿ لا خَيْرَ فِي
كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ
إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ
فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ﴾ (النساء:114)
قال الشعراوي: صدقت.. فما ورد في النصوص
من الصلح لا ينطبق بكماله إلا في هذا