يتخذوا له محلا خاصا، فأبى، ففي الحديث: قال العباس : يا رسول
الله إني أراهم قد آذوك، وآذاك غبارهم، فلو اتخذت عريشا تكلمهم فيه، فقال رسول
الله :(لا أزال بين أظهرهم يطئون عقبى وينازعوني ثوبي، ويؤذيني غبارهم، حتى يكون
الله هو الذي يرحمني منهم)[1]
قلت: فمخالطة المعلم لتلاميذه هي ما تريده بالتأليف.
قال: أجل.. فالمعلم الذي يخالط تلاميذه، ويتخذهم أصحابا يفيدهم
أكثر بكثير من ذلك الذي يستعلي عليهم.
قال بعض الطلبة: ولكن بعض المعلمين يرى أن في ذلك سقوطا لحرمة
الأستاذ.. فلذلك يفرض من السنن ما يملأ مجلس العلم هيبة من أستاذه.
قال: لا يمكن أن ينجح المعلم إلا إذا فرض هيبته على تلاميذه..
ولكن هذه الهيبة لا تعني الكبر.. ولا تعني كل ما يفرضه الكبر من سنن..
لقد قال أنس بن مالك : (ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله a، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له، لما
يعلمون من كراهيته لذلك)[2]، بل إن رسول الله a قال:(من أحب أن يتمثل له الناس قياماً
فليتبوأ مقعده من النار)[3]
قلت: فهل سن رسول الله a سننا غير هذا لتحقيق الألفة؟
قال: كثيرة هي تلك السنن التي تؤلف القلوب:
منها بذل السلام.. كما قال رسول الله a:(إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن
حالت بينهما شجرة، أو جدار، أو حجر ثم لقيه، فليسلم عليه)[4]، وقال a:(لا تدخلوا الجنة