بعد أن انتهينا من دراسة ما يتطلبه الفرع الثاني من علوم وآداب،
انتقلنا إلى الفرع الثالث، وهو فرع (السمت)
وقد سألنا ـ ونحن في الركن المرتبط بهذا من محضرة الآداب ـ شيخنا
محمد الأمين الشنقيطي عن معنى السمت، وضرورته لطالب العلم، فقال: السمت الحسن هو
التزام هيئة الصالحين في أحوالهم جميعا من كلام وفعال ومعاملات وهيئات وحركات
وسكنات وغيرها.. فلا يمكن لطالب العلم إلا أن يميز عن غيره ليستفيدوا منه.
قلت: أليس قد أمرنا أن نكون كالناس؟.. فكيف تعتبر التميز شعارا
للصالحين؟
قال: التميز نوعان: نوع هو محض كبر وسمعة ورياء.. وهذا قد حذر منه
الصالحون.. قال علي: للمرائي ثلاث علامات: يكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان في
الناس، ويزيد في العمل إذا أثني عليه، وينقص إذا ذم به.
قلت: هذا السمت الأول.. وهو السمت المذموم، وهو الذي كنت أعنيه، فما
الثاني؟
قال: هو في ظاهره كالسمت الأول.. ولكن صاحبه ابتدأ بسمت الباطن،
فحسنه وجمله وزينه.. فلما اعتدل باطنه بالطاعات زين الله ظاهره بما يملأ الله
القلوب هيبة منه وتوقيرا له.
ولهذا اعتبر a هذا
النوع من السمت من النبوة، فقال:(الهَدْي الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد جزء من
خمسة وعشرين جزءاً من النبوة)[1]
وهذا يبين لنا أن الذي يتحلى بالسمت الصالح والهدي الصالح يُقتدى به
ويحاكي بعض صفات النبوة، وكفى بذلك شرفاً.