نعم إنه أخي وإنه عبد الله ورسوله،وأن الله تعالى لم يلد ولم يولد،
ودعاهم الرسول a إلى الإسلام، فأبوا فدعاهم
الرسول إلى المباهلة،فرفضوا وقبلوا الجزية، وأعطاهم الرسول عهد الأمان مؤكدا فيه
الالتزام التام بحمايتهم والدفاع عنهم، وحماية دور عبادتهم ضامناً لهم الحرية في
العبادة وممارسة شعائرهم[1].
التفت الغزالي إلى الرجل، وقال: هذه بعض حججي، فما تقول فيها؟
قال الرجل: ولكن.. سد الذرائع.. ألا تعلم أن المفسدة مقدمة على جلب
المصلحة؟
قال الغزالي: أنت تخاف على المسلمين أن ينحرفوا إلى غير الإسلام.
قال الرجل: أجل.. أليس هذا الخوف معتبرا؟
قال الغزالي: أجل هو معتبر.. ولكن.. ألا تخاف على هذه البشرية
التائهة عن الإسلام أن تموت على غيره؟
قال الرجل: هي تائهة لا محالة.
قال الغزالي: ولكنا مسؤولون عن تيههم.. إذا جاءوا يوم القيامة،
وقالوا: يا رب.. إن هؤلاء قاطعونا، وحرمونا من النور الذي أنزلته، واستأثروا به
دوننا، فما عسانا نجيب ربنا؟
قال الرجل: نقول: يا رب.. إنهم أسمعونا كلاما عظيما.
قال الغزالي: ألا تعلم أن الحوار هو الذي يكشف عن الجواهر، أم أنك
تريد منهم أن ينافقوك، فيظهروا خلاف ما يبطنون.
سكت الرجل قليلا، ثم قال: صدقت.. لا أجد ما أجيبك به إلا أن أطلب منك
أن تسمح لي أن أنضم إلى هذه المدرسة، فعسى الله أن يفتح علي فيها من العلم ما
أتمكن به من إنقاذ أخ من إخواني في الإنسانية من ظلمات الجهل إلى نور الإسلام.
[1] انظر
التفاصيل المرتبطة بهذا في فصل (الشاهد) من هذه الرسالة.