يا فلانة ! ألك رب غيري؟ قالت : نعم، ربي وربك الله، فأمر ببقرة
من نحاس، فأحميت ثم أخذ أولادها يلقون فيها واحدا بعد واحد، فقالت: إن لي إليك
حاجة! قال: وما هي؟ قالت: أحب أن تجمع عظامي وعظام ولدي في ثوب واحد فتدفننا
جميعا! قال: ذلك لك لما لك علينا من الحق، فلم يزل أولادها يلقون في البقرة حتى
انتهى إلى ابن لها رضيع فكأنما تقاعست من أجله فقال لها: يا أمه! اقتحمي، فإن
عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، ثم ألقيت مع ولدها، وتكلم أربعة وهم صغار: هذا
وشاهد يوسف وصاحب جريج وعيسى ابن مريم)[1]
مقاييس:
قام رجل من الجمع، وقال: أنا رجل حبب الله إلي الصلاة.. وأحيانا
يأتيني من يزعجني عنها.. فأرفع صوتي غضبا عليه.. فهل ترى في هذا ما يتنافى مع آداب
الشريعة؟
سكت (الأمير)، حتى بدا للجمع أنه لا يريد إجابته.. فقام آخر، وقال:
أصارحك.. أنا رجل أحب المظاهر.. وأعظم كل صاحب مظهر.. وأمتلئ بالاحتقار لكل متواضع..
حتى أن التواضع صار بالنسبة لي مرادفا للذلة.
التفت (الأمير) إلى الرجلين، وقال: لقد روى لنا النبي a قصة.. اسمعوها مني.. وحاولوا أن ترتقوا
لتسمعوها من رسول الله a..
فلا خير فيمن لم يسمع من رسول الله.. قال: لم يتكلم في المهد إلا ثلاثةٌ: عيسى ابن
مريم، وصاحب جريجٍ، وكان جريجٌ رجلاً عابداً، فاتخذ صومعةً فكان فيها، فأتته أمه
وهو يصلي فقالت: يا جريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته فانصرفت. فلما
كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج، فقال: أي رب أمي وصلاتي. فأقبل على
صلاته، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت: يا جريج، فقال: أي رب أمي وصلاتي،
فأقبل على صلاته، فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه