ارتمى الرجل يبكي بين يدي البغدادي، وهو
يقول: جزاك الله خيرا.. جزاك الله خيرا.. لقد أنقذتني.. لقد كانت حقيقتي تقول ما
تذكره.. وإن كان لساني لم يجرؤ على النطق بها.
أخذ البغدادي بيده، وأقامه، وقال: قم يا
أخي.. وهيا نتعاون جميعا.. لنبين للعالم المتلهف أسرار الهدي الذي جاءنا به نبينا a.. فهو هدي يشمل كل شيء..
صاحت الجماعة مكبرة، فقال البغدادي: إن
كان لديكم أسئلة أخرى.. فيسرني أن أجيبكم عنها، وأن يجيبكم عنها ـ معي ـ هذا
العالم الفحل الذي قدر الله أن نكتشفه اليوم.
قال رجل من الجماعة: لقد أطلت هذه المرة
في غيابك.. فبم جئتنا من جديد؟
قال البغدادي: قبل أن أذكر لكم الجديد
الذي جئت به أود أن أسأل أخي هذا عما هو في صلب اختصاصه..
التفت إلى الرجل، وقال: اذكر لي الحديث
الذي ورد في الكمأة.
قال الرجل: لقد ورد في حديث صحيح قوله a: (الكمأة من المنّ، وماؤها شفاء من للعين)[1]
قال البغدادي: أهو حديث صحيح؟
قال الرجل: أجل.. لقد رواه الثقاة عن الثقاة.
قال البغدادي: فهل كان العلم بهذا من العلم المتوارث في
الجاهلية؟
قال الرجل: مورد الحديث يدل على غير ذلك.. فالنبي a قال ذلك بعد أن سمع بعضهم يقول: (الكمأة
جدري الأرض) فصحح ذلك، وقال ما قال.
قال البغدادي: لقد رحلت أحمل الحديث إلى بعض بلاد الإسلام بعد
أن استدعاني