في دية القتلى بينهما، فقد كانت بنو النضير أعز من بني قريظة،
فكانت تفرض عليهم دية مضاعفة لقتلاها، فلما ظهر الإسلام في المدينة امتنعت بنو
قريظة عن دفع الضعف، وطالبت بالمساواة في الدية، فنزل قوله تعالى:﴿
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ
بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ
وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ
يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (المائدة: 45)
تقدم رجل آخر، وقال: من النواحي المهمة التي وردت في الصحيفة..
والتي لها شأن خطير في الدستور ما ورد في المادة (40)، فقد جاء فيها: (وأن يثرب
حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة)، وأصل التحريم أن لا يقطع شجرها، ولا يقتل طيرها،
ولا يمس أهلها في أموالهم وأنفسهم.
وقد أرسل النبي a أصحابه ليثبتوا أعلاماً على حدود حرم المدينة من جميع الجهات،
وحدود المدينة بين لابتيها شرقاً وغرباً، وبين جبل ثور في الشمال وجبل عَيْر في
الجنوب.
قلت: فما الذي استفدتم من هذه المادة؟
قال: لابد لكل دستور من تحديد الرقعة الجغرافية التي تسري
أحكامه فيها.. ولابد لكل دولة من رسم حدودها حتى لا يدب التنازع بينها وبين
جيرانها.
اقترب رجل آخر، وقال: إن أهم ما ورد في الصحيفة ما قررته من
مبادئ ترتبط بالحريات وحقوق الإنسان.
لقد أعلنت الصحيفة أن الحريات مصونة، كحرية العقيدة والعبادة
وحق الأمن، وغيرها، فحرية الدين مكفولة: (للمسلمين دينهم ولليهود دينهم)، كما قال
تعالى:﴿ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ
الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ
بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: 256)، وقد أنذرت الصحيفة بإنزال
الوعيد، وإهلاك من يخالف هذا المبدأ أو يكسر هذه القاعدة.