ومن العجب العجاب أني وجدت أنها المخطوطة التي ساهمت في كتابتها
لنشر رسائل النور..
التفت إلي، والابتسامة تملأ محياه، وقال: لقد كانت هذه الرسائل
هي المفتاح الذي فتح الله به علي من شمس محمد a ما كان محجوبا عني.
قلت: الكتب في نصرة الإسلام كثيرة.. فكيف لم تهتد إلا بهذه؟
قال: الكتب وحدها لا تكفي.. لابد من الورثة الذين يحولون من
المكتوبات واقعا.. ومن الكلمات ثمرات يانعة يأكلها الناس حية ناضجة.
قلت: فقد عرفت كاتبها إذن.
قال: لقد من الله علي بذلك.. وقد رأيت منه ما حولني إلى ما ترى.
قلت: فما رأيت؟
قال: أرسلني الضابط لمصادرة ما عند بديع الزمان من أوراق وكتب،
فذهبت، وكنت متصورا أن هذه المهمة مهمة خطيرة، وأنه سيصعب علي في تلك الغابات أن
أجد ضالتي.. ولكن بديع الزمان ـ وبمجرد أن وصلت إليه ـ حياني، وكأني تلميذ من
تلاميذه، ثم قدم لي ما عنده من طعام، ثم قدم لي هذه الرسائل، وهو يقول لي بكل
هدوء: لعلك جئت تبحث عن هذا.
قلت: لقد جئت أبحث عن رسائلك وكتبك.
قال: فخذها.. فكل ما تريده موجود هنا..
فرحت كثيرا.. وأسرعت إلى الضابط أبشره بأني استطعت في لمح البصر
أن أقوم بالمهمة التي كلفني بها..
حثني الضابط على القراءة الجيدة لما كتب في تلك الرسائل.. بل
أعطاني عطلة لأجل ذلك.. قال لي حينها: إياك أن يمر عليك أي حرف دون أن تمعن في
قراءته، وفي محاولة فهم