عاقبتهم الجنة، مستندين إلى مئات
المعجزات الباهرة والآيات القاطعة، وإلى ما ذكرته ـ ياربي ـ مراراً وتكراراً في
الصحف السماوية والكتب المقدسة كلها من آلاف الوعد والوعيد.. ومعتمدين على عزة
جلالك وسلطان ربوبيتك، وشؤونك الجليلة، وصفاتك المقدسة التي تقتضي الحشر كالقدرة
والرحمة والعناية والحكمة والجلال والجمال، وبناءً على مشاهداتهم وكشفياتهم غير
المعدودة التي تنبئ عن آثار الآخرة ورشحاتها، وبناءً على ايمانهم واعتقادهم الجازم
الذي هو بدرجة علم اليقين وعين اليقين..)
انتظرت حتى انتهى من مناجاته، ثم اقتربت
منه، وقلت: يا إمام.. أراك كثير اللجوء إلى الله.. فأنت لا تفتر عن ذكره، ولا عن
مناجاته.. ألا يصيبك الملل من ذلك؟
ابتسم، وقال: وهل يفتر الحبيب من مناجاة
حبيبه؟.. وهل يمل الحبيب من ذكر حبيبه؟.. إن الله برحمته ولطفه وبره وكرمه أذن لنا
في أن نناجيه ونحادثه، وأذن لنا في أن نسمع تلك الكلمات العذبة التي تترنم بها
الكائنات، وهي تسبح الله وتحمده وتناجيه.. فهل فوق هذه النعمة نعمة؟.. وهل فوق هذا
الفضل فضل؟
قلت: العبادة تكليف.. فكيف تراها نعمة؟
قال: من لم ير في عبادة ربه مجامع النعم
وكنوزها وخزائنها، فإنه لم يعبد ربه..
قلت: أنت تعلم أني أبحث عن الوارث
الإمام.
قال: لن يكون الوارث إماما حتى يكون
ربانيا.. صلته بالله أعظم من صلته بغيره.. بل إن صلته بغيره لا تكون إلا ثمرة
لصلته بالله.. لقد قال الله تعالى في الأئمة الورثة:﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ
أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ﴾ (السجدة:24)
قلت: أفي حياة محمد ما يدل على هذا؟
قال: أجل.. ألم أقل لك: إن خير تفسير
للقرآن الكريم هو حياة محمد a؟