وقد كان a كما وصفه ربه سهلا لينا يسيرا ما غضب
لنفسه قط، ولا ضاق صدره بضعفهم البشري.. بل كان يقول لهم كل حين: (إنما أنا لكم
مثل الوالد لولده)[1]
لقد تمكن من أعدائه الذين صبوا عليه
وأصحابه جميع أنواع العذاب، وسلبوا أموالهم، وديارهم، وأجلوهم عن بلادهم، لكنه a قابل كل تلك الإساءات بالعفو والصفح
والحلم قائلاً: (يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟)، قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن
أخ كريم، فقال a: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)
لقد أنزل الله عليه:﴿ وَإِنْ
عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ
لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾ (النحل:126)، فاختار أن يعفو عنهم ويصبر على ما كان منهم، وأن لا
يعاقب فقال: (نصبر ولا نعاقب)
قلت: إني مررت بقوم حدثوني بأحاديث كثيرة
يروونها عن محمد.. فهل تراك مثلهم، أم تراك تكتفي بالقرآن؟
نظر إلي بغضب، وقال: ضل من قال هذا.. وضل
من فعل هذا.. إن محمدا a هو
التطبيق العملي للقرآن الكريم، وهو التفسير الحسي لمعانيه.. ومن لم يقرأ تفسير
القرآن الكريم من أقوال محمد a
وسلوكه ظل جاهلا بالقرآن، ولو قرأ جميع تفاسير الدنيا.
قلت: فحدثني مثلما حدثتهم.
قال: عن أي شيء تريد أن أحدثك؟
قلت: لقد كنت تحدثني عن مظهر من مظاهر
رحمته، وهو عفوه عند المقدرة.
قال: لقد حدث بعض الصحابة أنه غزا مع
رسول الله a، فلما قفل معه أدركتهم القائلة