في مصحات علاج الجدري في أماكن تجمعات الهنود الحمر، لنقل مرض
الجدري إليهم بهدف نشر المرض بينهم ؛ مما أدى إلى انتشار الوباء الذي نتج عنه موت
عشرات الألوف منهم.
وبعد عقود قليلة انتهى أمر السكان الأصليين في القارة الأمريكية
إلى ما يشبه الفناء، بعد الإبادة المنظمة لهم على أيدي المبشرين بالمحبة، والسلام
للبشرية جمعاء!
التفت الحكيم إلى الجمع المحيط به، وقال بحزن، وكأنه يقص عليهم
قصة من قصص البدائيين: بعد فراغ القارة الأمريكية من العبيد (الحمر) قرر
الأمريكيون استيراد عدة ملايين من العبيد (السمر) لخدمة (الشعب المختار) فتحول
رعاة البقر إلى بحارة يجوبون السواحل الإفريقية لاصطياد (العبيد)، وحشرهم في سفن
الشحن، في عمليات إجرام أخرى يعالجون بها آثار الجريمة الأولى في حق الهنود الحمر،
حيث لم يبق لديهم ما يكفي من الأيدي العاملة لبناء صرح الحضارة الجديدة.
وقد جلب الأوربيون والأمريكيون في أول الأمر ما لا يقل عن 12
مليوناً من الأفارقة المسترقين، جاءوا بأفواجهم في الأصفاد، وكانت البرتغال أكثر
الدول الأوروبية توسعاً في جلب هؤلاء إلى أراضي العالم الجديد في أمريكا، دون
توفير أدنى الضمانات لتلك (المخلوقات) الإفريقية التي لم يَرْق التعامل معهم إلى
مستوى التعامل مع فئران المعامل ؛ فقد صدر عن منظمة اليونسكو عام 1978تقرير يحكي
فضاعة ما حصل للأفارقة وهول الكارثة الإنسانية التي حلت بهم لهم من أجل تعمير
أمريكا ؛ فقد جاء فيه:(إن إفريقيا فقدت من أبنائها في تجارة الرقيق نحو 210 ملايين
نسمة، وذكرت التقارير أن ما لا يقل عن خمسة وعشرين مليوناً من الأفارقة الذين تم
شحنهم من أنحاء القارة في أفواج من (جزيرة جور) الواقعة في مواجهة العاصمة
السنغالية (داكار) ؛ قد هلك أكثرهم قبل أن يصلوا إلى العالم الجديد مما لقوا في
رحلات العذاب داخل سفن شحن المواشي)