نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 78
وأمام تلك الأبصار المشدوهة، أبصار العلماء والمفكرين
الأوروبيين، ظهرت مدنية جديدة، مدنية مهذبة راقية خفاقة بالحياة، ذات كنوز ثقافية
كانت قد ضاعت، ثم أصبحت فى أووربة من قبل نسيا منسيا، ولكن الذى صنعه العرب كان
أكثر من بعث لعلوم اليونان القديمة.. لقد خلقوا لأنفسهم عالما علميا جديدا تمام
الجدة.. لقد وجدوا طرائق جديدة للبحث وعملوا على تحسينها، ثم حملوا هذا كله بوسائط
مختلفة إلى الغرب، ولسنا نبالغ إذا قلنا إن العصر العلمى الحديث الذى نعيش فيه لم
يدشن فى مدن أوروبا النصرانية، ولكن فى المراكز الإسلامية: فى دمشق وبغداد
والقاهرة وقرطبة)[1]
قلت: فكيف تسنى لأوروبا أن تتصل بالمسلمين، وتستفيد منهم،
بالرغم مما كان بينهما من شحناء وبغضاء لا تزال أثارة منها إلى يومنا هذا؟
قال: لقد كانت لذلك طرق كثيرة.. وجسور ممتدة.. وأنت تعرف
المسلمين.. فهم أكثر الناس طيبة ولو مع أعدائهم.
لقد كان من تلك الجسور التي وصلت أوروبا بالإسلام جسر الأندلس[2].. أو إسبانية حالياً.. فالأندلس
قطعة من أوروبة، تجاور فرنسا وهي قريبة من إيطاليا وإنكلترا وغيرها من الأقطار الأوروبية.
وقد أرسلت كثير من البلاد الأوروبية أبناءها على شكل بعثات
ترعاها مستويات رسمية عالية، للدراسة في بلاد الأندلس.. وتصدى كثيرٌ منهم للقيام
بعملية ترجمة لأمهات كتب التراث العربي الإسلامي إلى اللاتينية وغيرها، وعلى رأس
ذلك كله القرآن، وقد بدأوا بدراسة العلوم، واستمر الانتفاع مما لدى أهل الأندلس من
علوم نظرية وفلسفية وعلوم مادية وتطبيقية طيلة وجود العرب في الأندلس.
[1] الإسلام على مفترق الطرق،
ترجمة عمر فروخ، ص 39 – 40.
[2] انظر: الثقافة الإسلامية
وأثرها في الحضارة، الأستاذ محمود الشرقاوي.
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 78