نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 55
السادس والسابع من تدهور خلقي، وانحطاط نفسي، وفساد اجتماعي،
عزلوا بسببه عن قيادة العالم.
وقد تجدد في أوائل القرن السابع من الحوادث ما بغضهم إلى
المسيحيين، وبغض المسيحيين إليهم وشوه سمعتهم، ففي السنة الأخيرة من حكم فوكاس
(610 م) أوقع اليهود بالمسيحيين في أنطاكية، فأرسل الإمبراطور قائده (أبنوسوس)
ليقضي على ثورتهم، فذهب وأنفذ عمله بقسوة نادرة، فقتل الناس جميعاً، قتلاً بالسيف،
وشنقاً وإغراقاً وتعذيباً، ورمياً للوحوش الكاسرة.
قلت: والديانات الأخرى.. ورجالها.. ألم يكن فيهم من يصلح لإنقاذ
البشرية؟
أشار توماس إلى بقعة من الأرض، وقال: هنا كانت تنتشر المجوسية.
قلت: ألم يكن في المجوسية ما يصلح لإنقاذ البشرية؟
قال: لقد جاء زرادشت، ودعا إلى التوحيد، وأبطل الأصنام[1]، وقال: (إن نور
[1] ذكر كثير من علماء
المسلمين إلى نبوة زرادشت، ويسمونه (نبي المجوس)، وممن انتصر لذلك، وقد توفر له من
(العلم بالملل والنحل ما يؤهله لذلك ابن حزم، فقد قال في الفصل: ( أما زرادشت فقد
قال كثير من المسلمين بنبوته ) ثم عقب على ذلك بقوله:( ليست النبوة بمدفوعة قبل
رسول الله a لمن صحت عنه معجزة، قال تعالى:
{ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ((فاطر:24)، وقال تعالى:) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ
عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ((النساء:164) )
ثم بين أن الذي ينسب إليه
المجوس من الأكذوبات باطل مفترى منهم، واستدل على ذلك بالتحريفات الواقعة في
الديانات المختلفة،، ثم بين قاعدة جليلة في ذلك فقال:( وبالجملة فكل كتاب وشريعة
كانا مقصورين على رجال من أهلها، وكانا محظورين على من سواهما فالتبديل والتحريف
مضمون فيهما، وكتاب المجوس وشريعتهم إنما كان طول مدة دولتهم عند المؤبذ، وعند
ثلاثة وعشرين هربذا، لكل هربذ سفر قد أفرد به وحده لا يشاركه فيه غيره من الهرابذة
ولا من غيرهم، ولا يباح بشيء من ذلك لأحد سواهم، ثم دخل فيه الخرم بإحراق الإسكندر
لكتابهم أيام غلبته لدارا بن دارا، وهم مقرون بلا خلاف منهم أنه ذهب منه مقدار
الثلث ذكر ذلك بشير الناسك وغيره من علمائهم )( الفصل في الملل والأهواء
والنحل:1/90)
ونفس ما دفع به ابن حزم عن
زرادشت ما نسبه إليه المجوس ذكره غيره من العلماء، قال الباقلاني:( وكذلك الجواب
عن المطالبة بصحة أعلام زرادشت إما أن نقول إنها في الأصل مأخوذة عن آحاد، لأن
العلم بصدقهم غير واقع لنا، أو نقول إنه نبي صادق ظهرت على يده الأعلام، ودعا إلى
نبوة نوح وإبراهيم، وإنما كذبت المجوس عليه في إضافة ما أضافته إليه من القول
بالتثنية وقدم النور والظلام وحدوث الشيطان من فكرة وشكة شكها بعض أشخاص النور،
وهو بمنزلة كذب النصارى على المسيح u من دعائه إلى اعتقاد التثليث والاتحاد والاختلاط، وأن مريم
ولدت مسيحا بلاهوته دون ناسوته وغير ذلك)( تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل:203)
وقد ذكر ابن حزم أن هذا
القول ليس بدعة للمتأخرين، بل أن من السلف من قال بذلك، قال:( وممن قال أن المجوس
أهل كتاب علي بن أبي طالب وحذيفة ، وسعيد بن المسيب وقتادة وأبو ثور وجمهور أصحاب
أهل الظاهر، وقد بينا البراهين الموجبة لصحة هذا القول في كتابنا المسمى الإيصال
في كتاب الجهاد منه وفي كتاب الذبائح منه ثم قال:( ويكفي من ذلك صحة أخذ رسول الله
a الجزية منهم، وقد حرم الله
عز وجل في نص القرآن في آخر سورة نزلت منه وهي براءة أن تؤخذ الجزية من غير
كتابي)( الفصل في الملل والأهواء والنحل:1/90)
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 55