وكانت العصبية القبلية والدموية شديدة جامحة، وكان شعارهم في
ذلك قولهم (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) فكانوا يتناصرون ظالمين أو مظلومين.
قلت: لقد ورد في حديث محمد هذا الشعار!؟
قال: لقد قاله محمد مصححا له، فقد ورد في الحديث: (انصر أخاك
ظالما أو مظلوما)، قيل: كيف أنصره ظالما؟ قال: (تحجزه عن الظلم، فان ذلك نصره)[1]
استأنف توماس حديثه عن طبيعة العرب
قائلا: وفوق ذلك كان الحرب والغزو مما طبعت عليه طبيعتهم العربية، وألهمتهم إياه
معيشتهم البدوية، حتى صارت الحرب مسلاة لهم، قال قائلهم:
وأحياناً على بكر أخينا إذا
ما لم نجد إلا أخانا
لقد هانت عليهم الحرب وإراقة الدماء حتى
كانت تثيرها حادثة ليست بذات خطر، فقد وقعت الحرب بين بكر وتغلب ابني وائل ومكثت
أربعين سنة أريقت فيها دماء غزيرة، وما ذاك إلا لأن كليباً، وهو رئيس معدّ رمى ضلع
ناقة البسوس بنت منقذ فاختلط دمها بلبنها، وقتل جساس بن مرة كليباً،واشتبكت الحرب
بين بكر وتغلب.
ديانات:
التفت إلي توماس، وقال: هذه هي دول العالم.. وتلك هي حضارتها
وانحطاطها.. لقد كانت أشبه شيء بتلك الشجرة قبل أن أعالجها بذلك الإكسير.
قلت: والأديان.. أين ذهبت الأديان؟.. وأين ذهب رجالها من
الأحبار والرهبان؟