نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 451
لم تكن فى حدود دائرتها اللاهوتية.
ولهذا جاءت هذه الحركة تناقض ذلك تماما حتى أطلق عليها وصف
(الإنسانية)
لقد قام دانتى (ت 1321م) فى هذا المجال بمثل ما قام به (مكيافيللى)
فى مجال السياسة، فقد خرج على الكنيسة خروجاً صريحاً، وناقص تقاليدها ومقاييسها،
وابتداء منه أخذ الأدب الأوربى بحل الإنسان شيئا فشيئا محل (الإله).. وبذلك انتقضت
عروة التوحيد.. وارتباط الفن بالغاية الكبرى من وجود الإنسان.
لقد صار الاهتمام بالإنسان ـ الذى نبه إليه دانتى ومعاصروه ـ
المنطلق لمحاولة تأليه الإنسان وتصويره على أنه اله حقيقى، وهى المحاولة التى بدأت
فى القرن التاسع عشر واكتملت على يد (سارتر) وأشياعه فى هذا القرن مروراً بتأليه
الطبيعة الذى دعا إليه عصر التنوير.
ذكر (داونز) ذلك، فقال: (يقف (دانتى) كما وقف صديقه ومعاصره
المصور الرسام (جيوتو) على رأس حقبة جديدة فى تطور الفكر البشرى، ولما كان كلاهما
فناناً عظيماً، فإنهما عبرا أصدق تعبير عن ذلك الشيء الجديد الذي ربما كان يجيش فى
صدور الكثير من معاصريهم، ولكنهم لم يستطيعوا الإفصاح عنه كما أفصحا)
ويقول: (وهذا الشيء الجديد هو (الإنسانية).. أو هو بتعبير آخر
الاهتمام بشئون الإنسان فى الحياة الدنيا.
ونستطيع أن نتفهم خطورة هذا الجديد الذى يزاحم القديم إذا
قارناه بالعقائد المسيطرة على أذهان الناس فى ذلك العصر عن الحياة والكون … ومؤداها أن الحياة الدنيا ليست إلا
تمهيداً لاستقبال الحياة الأخرى، وقد هيمن هذا الاعتقاد على الناس فى القرون
الوسطى جيلاً بعد جيل تحت سطوة الكنيسة وسيطرتها العاتية على جميع نواحى النشاط
الإنسانى وجميع المؤسسات الاجتماعية بينما كان علم العلماء كله يدور حول المبادئ
الدينية والعقائد الكنسية)
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 451