وقوله في الحض على أخذ الزينة
والاهتمام بالجمال:﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا
زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ
لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (لأعراف:31)
وفوق ذلك كله قوله تعالى وهو يصف
جمال أفعاله ودقة صنعه:﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ
بِمَا تَفْعَلُونَ﴾
(النمل:88).. ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ
وَبَدَأَ خَلْقَ الْأِنْسَانِ مِنْ طِينٍ﴾ (السجدة:7)
وعرفت به سر نصوص أخرى كثيرة
توجه الأبصار والأسماع وجميع وسائل الإحساس والإدراك إلى النظر إلى الجمال المبثوث
في الأشياء وتذوقه وشكر الله عليه..
وهذا ما يجعل من كل مسلم فنانا
ذواقة ممتلئا بالأحاسيس الجميلة التي يعبر عنها بأجمل قصائد مديح ربه وحمده.
***
كان من ضمن الأسماء التي وضعت في دفتر المرشد اسم (سير هاملتون
جيب)[1]،
[1] هو سير هاملتون
الكساندر روسكين جب Sir Hamilton R. A. Gibb (1895 – 1967)، ولد في الإسكندرية، ثم
انتقل إلى اسكتلندا وهو في الخامسة من عمره للدراسة هناك ولكنه كان يمضي الصيف مع
والدته في الإسكندرية. التحق بجامعة أدنبرة لدارسة اللغات السامية. عمل محاضراً في
مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن عام 1921وتدرج في المناصب الأكاديمية
حتى أصبح أستاذً للغة العربية عام 1937 وانتخب لشغل منصب كرسي اللغة العربية
بجامعة أكسفورد. انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليعمل مديراً لمركز دراسات
الشرق الأوسط بجامعة هارفارد بعد أن عمل أستاذاً للغة العربية في الجامعة.
هو إمام المستشرقين الإنكليز
المعاصرين، وهو عضو مؤسس في المجمع العلمي المصري، تفرغ للأدب العربي وحاضر بمدرسة
المشرقيات بلندن.
بالإضافة إلى اهتمامه
اللغوي فقد أضاف إلى ذلك الاهتمام بتاريخ الإسلام وانتشاره وقد تأثر بمستشرقين
كبار من أمثال تومارس آرنولد وغيره.
ومن أقواله التي جعلتنا
نختاره لهذا الفصل:( إذا رأى أحد أن
إلحاح القرآن على فعل الخير غير كثير أثبتنا له بالحجة القاطعة خطأه وسقنا إليه
ذلك التعريف الشامل للبر في تلك الآية العظيمة:﴿ لَّيْسَ الْبِرَّ
أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ
مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ
وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ
الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ
وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ
أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ (البقرة 177)، فالبر إذن تاج الإيمان الحق، حين يدرك المؤمن أخيرًا أن
الله شاهد أبدًا، ويستجيب لشهوده في كل أفكاره وأعماله ) (دراسات في حضارة الإسلام، ص 254)
وقوله:( هذه، إذن، هي الرسالة التي بلغها القرآن إلى الجيل الأول من المسلمين وظل
يبلغها إلى جميع الأجيال منذ ذلك العهد. فالقرآن سجل لتجربة حية مباشرة في ميدان
الألوهية، تجربة ذات طرفين: واحد مطلق وآخر متصل بشؤون الحياة العامة، ودعوة
للمخلوق كي ينظم حياته ليتمكن من الأخذ بنصيب في تلك التجربة. وحين يتبع المسلم
أوامر القرآن ويسعى ليستكنه روح تعاليمه، لا بفكره فحسب بل بقلبه وروحه أيضًا،
فإنه يحاول أن يستملك شيئًا من الرؤى الحدسية ومن التجربة التي كانت للرسول
الحبيب. ويعظم في عينيه مغزى كل آية فيه، لإيمانه بأنه كلام الله. ولو لم يكن هذا
الإيمان شعبة من عقيدته لما تناقصت قيمته لديه من حيث هو منبع حي للإلهام
والاستبصار الديني ) (دراسات في حضارة الإسلام، ص 254)
انظر: قالوا عن الإسلام، عماد الدين خليل.
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 438